أوراق

حسن سالم

عن مدن الملح .. الرواية


ثلاثة أشهر مابين الحلم والافاقة ،، وأنا معتكف على هذه الخماسية . من عادتي إذا استمعت برواية أن أطيل مدة القراءة فيها إلى المدة التي ما بعدها إن جاءت ستكون مشتتة لفصول الرواية ..

مدن الملح ، هي مدننا التي نشأت بين الأحراج والركام وبين ظلال أسوار القصور الطويلة … تاريخنا الذي تكرر ألف عام منسي ، حتى خرجت أول قطرة زيت من وادي حالم عاش آلاف السنين وكأنها السرمد .

أصعب الروايات هي تلك التي تعتمد بشكل أساسي على الميثولوجيا والأساطير الشعبية .. هي منطقة اللاواعي واللامفكر فيه ،، والتي لا يمكن توثيقها بغير طريقتها ، والاجدر بتوثيقها ابن بلدها

إن مدن موران والحويزة وحرات والعوالي وعين دامة وغيرها من مدن الملح التي قامت على أنقاض تاريخ صامت ،، كان هناك تاريخ ، لا كما يقول الترهات أننا نعيش على قارعة التاريخ ،، لدينا تاريخ ولكنا لم نخض فيها .

ومدن الملح ـ كما يقول منيف في أحد لقاءاته ـ أنه اعتمد المخيال الشعبي ، وجاءت الرواية وكأنها ملحمة شعبية بمفردات عامة وموغلة في تاريخ المكان الأسطوري ،، تعتبر ربما أعظم رواية عربية في القرن العشرين والتي طرقت تأثير النفط على المجتمع الخليجي من جميع النواحي . هذه الرواية ذات الأجزاء الخمسة ترجمت إلى خمسة عشر لغة ، وقد استغرب منيف ذاته كيف تم ترجمتها رغم كثافة المصطلحات المحلية ، والتي يقول أنه حين كتبها لم يأخذ بباله أنها ستترجم ـ وهذه قوة تحسب لحبكة الرواية ـ .

أوغلت الرواية في التفاصيل اليومية والجزئيات الدقيقة ، مما اضطره إلى اختراع شخصيات كثيرة وهائلة منها ما أدى دور مرحلي ومنها ما استمر معه طول الرواية ، يغذي شخصياتهم ويمددها ويضيف أبعاد مختلفة لها … حتى جمع أكثر الشخصيات عداوة وقتلهم جميعا في الصفحات الأخيرة وبطريقة مرعبة . وشخصيات منيف متماهية تماما مع الحدث وليست متعالية عنه . ليس هناك شخصية رئيسية هي البطل ، كل الشخصيات قامت بأدوار بطلة .. فأبو متعب الهذال قام بيأس ولم تخر قواه امام القادمون الجدد للوادي ، وصالح الرشدان حاذي الخيل وشمران العتبيتي الذي بيعت أراضيه وهو يضحك جميعها شخصيات بطلة وأوغل في وصفها رغم أنها هامشية بالنسبة للحبكة الرئيسية ، ومع هذا لم يفقد الخيط الرفيع الواصل بين جميع القصص الصغيرة

وبمثل ثراء الرواية بالأحداث التفصيلية فقد اثراها أيضا بالشخوص الممثلة برمزية بالغة لمختلف التوجهات ، وقابل بينها بمتازج مذهل وكأن تعيش الواقعة يوميا لا من خلال الرواية فقط

http://www.goodreads.com/topic/show/1030350

سيادة الأمة وتطبيق الشريعة ،، ما وراء الحوارات


 (1)

في الفترة الأخيرة شهدت الساحة السعودية ولادة الكثير من الأطياف وتبلور الكثير من الأفكار والقناعات الجديدة ، التي أصبحت تتخذ شكل توجهات جديدة بعيدة أو قريبة من توجهاتها السابقة ، أو ربما حتى إعادة إصطفاف في داخل القناعات السابقة .

وفي السنوات الأخيرة بدأت جدليات وحوارات كثيرة دارت حول قناعات ومبادئ سابقة كثيرة ، أتخذت شكل جو حواري في الساحة العامة على شكل مقالات ، بعد أن كانت تدور في الجلسات الخاصة وضمن الأشخاص المهتمين فقط ، ثم مع مجيء الشبكات الاجتماعية دارت بعض النقاشات الجدية في الفايس بوك والتويتر ،، وكانت أغلبها تنحصر بين شخصين أو ثلاثة ، وكل منهما يعبر عن توجهة ، إذ كانت أقرب للمناظرة ولليس للحوار المعرفي الذي يطرح كل شخص في مقاله إشكاليته ويحاور الفكرة الأخرى من منظوره ـ الخاص ـ . إلى أن وصلت حاليا إلى مقالات مطولة ـ في موضوعنا الذي سنحاول تغطيته تعدت العشرة مقالات حتى كتابة هذه السطور ـ وفي جو عام يراه كل المتابعين ، محدثة حراك فكري كبير لا يزال يشغل الساحة

ومسألة سيادة الأمة وتطبيق الشريعة ، الذي تلقى في خلال أسبوع تقريبا ما يقرب من العشرة مقالات ولا يزال قابلا للمزيد من طرح المقالات، ليست إشكالية هامشة في مجتمعنا ، بل ربما تعتبر من أعمق الإشكاليات والأفكار التي تصطف حولها الأطياف الفكرية لدينا ، ومسألة طرحها على المجال العام وحدوث حوار عميق حولها ، مسألة مهمة ولا شك ، ومجرد متابعتها ربما تبرز للمتابع خلفيات جديدة لم تكن واضحة .

وفي هذا التحقيق لن أحاول أن أصل إلى هذه الخلفيات ، فهي حق مشاع .  لكن سأحاول أن أرصد “حوار الأفكار” بطريقة محايدة ، وسأحاول أن أمسك بالخيط العام الذي يصل مختلف هذه المقالات ، حتى نستطيع أن نخرج “ليس بنتيجة” ولكن بتصور عام لهذا الحراك الذي يعتبر ـ في تصوري ـ من أهم الحراكات التي ـ وإن كانت تقريبا لا تزال داخل “اتجاه واحد” ـ حصلت على الساحة الفكرية السعودية في السنين العام.

(2)

بعنوان سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة ، خرج المقال لعبد الله المالكي الذي بدأه عن طريق النظر إلى الدافع الذي دفع الشعوب العربية للثورة ، يقول المالكي أن ما دفع هذه الشعوب ليس لأي دافع أيديولوجي كان ، سواء كان تطبيق الشريعة أم غير من الديانات أو الفلسفات الوضعية الأخرى . وإنما الذي أخرجها هو رغبتها في استردادها لحريتها ولسيادتها

ومن ضمن ما أفرزه الربيع العربي مشروع الإسلام السياسي كمرشح قوي للحكم ، وقد جاء حديث المالكي عن موضوعة في السيادة وتطبيق الشريعة ضمن مجال الربيع العربي بعامة ، وتحت تأثير الإسلام السياسي الذي تحدث عنه ، ولم يخصص حالة مكانية زمانية بعينها ، ولكن لأن خيط النقاشات الذي انتظم في المقالات التي تلت ودار موضوعها الرئيس حول ثنائية الشريعة وتطبيق الشريعة ، فإنا سنضطر إلى إلغاء كل حديث لم يدر حول هذه الثنائية .

وإذ يبرز مشروع تطبيق الشريعة كهدف ـ متعدد ـ لمختلف توجهات الاسلام السياسي ، فقد تساءل المالكي عن الكيفية الفضلى لتطبيقها ـ أي الشريعة ـ . فقد طرح الطرق المؤدية إلى “تطبيق أفضل” للشريعة ، فقال ابتداء :

 لا يحق لأحد – بعد تحقيق سيادة الأمة – أن يفرض شيئا على هذه الأمة دون الرجوع إلى الاحتكام إلى إرادتها وإلى الدستور الذي اختارته عبر صندوق الاقتراع. فإن اختارت الأمة منظومة القيم والمبادئ الإسلامية كمرجعية عليا وإطارا للتشريع والقوانين فلا يحق لأحد أن يفتئت عليها أو يفرض ما يناقض ويعارض مرجعيتها الدستورية

وبناء على هذا فليس على دعاة الإسلام مهمة سوى أن يمارسوا حقهم في البلاغ ودعوة الناس إلى مبادئ الإسلام دون فرضها على الشعوب . لأن الفرض لا يكون إلا عبر إرادة الأمة من خلال مؤسساتها ، وهذا لن يتحقق ـ بحسب المالكي ـ إلا عبر “سيادة الأمة بمجموعها لا بيد فرد متغلب أو فئة أو حزب معين يحتكر السيادة دون الأمة” .

ثم ينبه إلى أن هذا لا يعني بأن الشعب هو معيار المبادئ والقيم والأخلاق ، بل مرجعية الشعب هو المعيار ، ومعرفة الحلال والحرام  لا يكون من خلال الاستفتاء الشعبي وإنما من خلال مصادر التشريع في الإسلام وعلى رأسها الكتاب والسنة .

ويقرر المالكي أن الشعوب تنحصر وظيفتها في خلع السلطة والسيادة على قيم معينة وتحويلها من مجرد قناعات أخلاقية إلى قوانين ، ثم يثبت أن الحاكمية للمرجعيات وليس للشعب . ليصل من هنا إلى أن أفضل آلية لـ “تطبيق الشريعة” هي “الديمقراطية” ، لماذا؟ ، يقول المالكي لأن مجالس التشريع في الديمقراطية لا تفتي ولا تبين الأحكام الشرعية ، وإنما هي مجرد منفذ ومانح للسلطة عبر مؤسسات مرجعها المجتمع وليس الحاكم الفرد المتغلب.

ثم يفرق المالكي ، بين “الشريعة” و “تطبيق الشريعة” ، فيقول أن الشريعة ككل القيم والأخلاقيات جامدة لا تتجسد في الواقع إلا عبر الإنسان ، ومن ثم فالشريعة لا يمكن تطبيقها إلا عبر الحاكم الفرد المتغلب أو مجموع الأمة ، وبالتالي فمصدر “السلطة والسيادة” هو الذي يحول المرجعية إلى قوانين دستورية ذات سلطة وسيادة مطلقة .

ثم في النهاية يصرح بمعتقده وفقا لما شرحه بأن الأمة هي المخاطبة بالتشريع وهي المكلفة بالتطبيق وليس فردا معينا أو فئة خاصة دون البقية . ويتمنى التحول من شعار “الإسلام هو الحل” إلى شعار ” سيادة الأمة هي الحل” .

أعقب هذا المقال رد فعل عنيف من د. عبدالعزيز العبد اللطيف ، خلا فيه من أي رد واتهمه فيها بقارفة الروغان عن شريعة الاسلام واللوذ بوثنية “سيادة الأمة” والتلفع بإرادة الشعوب والنفاق ، وقد أفرد هذا الحدث تركي العبد الحي بتقرير صحفي نشرته صحيفة الشرق في حينه ، يكفي “لمجرد الإشارة” .

ثم جاء رد د. خالد المزيني والذي كان أكثر هدوءا وأكثر موضوعية ، رده جاء عبر تغريدات في تويتر عبر فيها عن رأيه في سيادة الأمة وتطبيق الشريعة ، بدأها بمدخل تحدث فيها عن أمثلة لمبادئ وممارسات توافق عليها العرب في الجاهلية باختيارهم ثم جاء الإسلام وأبطلها دون الرجوع لمشورتهم ، ثم في خلافة الفاروق حصل التطور التشريعي الذي تم من خلاله بناء مؤسسات بشكل يجمع ـ حسب رأي المزيني ـ بين إلزامية الشرع ورضا الناس ، وتعرض فيها لمثال منع المواخير وبيع الخمر من دون الرجوع لمشورة الناس .

ثم بدأ في موضوعه وهو فكرة إلزامية الشريعة وسيادة الشرع أو الأمة ، فقال أن فكرة السيادة والحرية وباقي هذه العائلة الحقوقية ـ هكذا يسميها ـ هي مفاهيم شديدة الالتباس ، فلا تصلح معيارا موضوعيا حين تحاكم الشريعة على أساسه ، فالشريعة مطلقة لا تحاكم بمعايير نسبية ، وقد وضعت لتكون حاكمة لا محكومة . وفي معرض رده عن القائل بإيجاب التفريق بين “الشريعة ، وبين ” تطبيق الشريعة ” يقول : ماذا لو قيل يجب التفريق بين “الحرية” وبين “تطبيق الحرية”  و بين “السيادة” و “تطبيق السيادة” وغيرها . ثم يقارن بين من يقول بأنه تم توظيف الشريعة في إقصاء سيادة الأمة واسعبادة ، بقوله بأنه أيضا تم توظيف السيادة والحرية في أوروبا في سبيل إقصاء القيم التي تؤمن بها الأمة . ليصل إلى أنه لا بد من مبادئ فوق دستورية . وهذا ـ بحسب رأي المزيني ـ آخر ما توصل له العقل الديمقراطي الغربي .

ثم ينبه إلى صعوبة الكلام في المفهوم الاجرائي للحرية والسيادة ، لأن شروط البحث النظري سهلة فيما هي ممتنعة في البحث الاجرائي لأنه يتطلب أن يكون معيار للتقومي ، ولأن كل مفهوم له مرجعيته ونصوصه المؤؤسة . ثم إن نصوصنا ـ أي المسلمين ملزمة ، بينما عند الغرب غير ملزمة لهم .

ليطرح في النهاية التحدي الذي يبرز ـ والكلام للمزيني ـ أمام الشرعيين وهو : طرح نماذج إجرائية واقعية التطبيق .

فيما كتب مشاري الشثري عبر صفحته في تويتر أيضا مجموعة تغريدات عبر فيها عن ما أسماه بمغالطات عبد الله المالكي ولخصها في مايلي :

ـ إغفال المالكي للهدف الرئيسي من الاسلام السياسي .

ـ مطالبته للتيارات الاسلامية بمواكبة تطلعات الشعوب العربية .

ـ تسويغه اخيار الأمة غير مرجعية الإسلام

جعله حرية المعتقد والضمير من محكمات الشريعة .

جعل السيادة للأمة يعني جعلها معيارا للمبادئ والقيم .

مغالطته في الفرق بين “الشريعة” و “تطبيق الشريعة” . وبأن سيادة الأمة قبل “تطبيق الشريعة” لا يعني تقديمها “الشريعة” نفسها.

فيما كتب صالح الضحيان رده على موضوع قبلية السيادة فاتهمه بعدم التخصص ـ يحمل المالكي بكالورويوس شريعة ـ واعتبر المقال سقطة كبيرة للكاتب . وقال أنه ذهب إلى ما هو أبعد من العلمانية ، إذ أنه ـ حسب رأي الضحيان ـ يذهب إلى إقصاء الدين كله عن الحكم إذا رفضه الشعب ، فيقول :

ما ذهب إليه الكاتب في مقالته هذه  أبعد مما ذهبت إليه العلمانية . فالعلمانية لا تقصي الدين بالجملة ولكنها تسعى لفصل السياسة والاقتصاد عن الدين  . أما الكاتب فذهب إلى إقصاء الدين كله عن الحكم إذا رفضه الشعب .

ثم يساءل المالكي فيقول : لماذا شرعت الفتوحات الاسلامية ولماذا فتحت الأمصار إلا لكي يسود حكم الله في الأرض؟ ، ثم أنه عندما دخل الرسول مكة فاتحا فقد قام بتحطيم الأصنام مباشرة دون أن يسألهم هل يطبق الشريعة أم لا يطبقها . واعتبر الضحيان أن الاستجابة لرأي الشعب في رفض تطبيق الشريعة هو رفض للحكم بما أنزل الله وتعطيل للحدود ورفض الحكم بما أنزل الله

وكذلك سعد العواد الذي طرح تنائية تخييريه فإما “السيادة الشعبية” وإما “تطبيق الشريعة” . فكذلك اتهم مقال المالكي بأنه يطفح بالمغالطات من قمة عنوانة “سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة ” حتى أخمص عباراته “سيادة الأمة هي الحل”. وكانت النقطة الرئيسية التي دار حولها مقال العواد هي سؤاله عن  مرجعية السلطة والشرعية ، وماذا لو اختار الشعب مرجعا أو شرع قانونا ضد الشريعة . وبعد اتهام باعتناق العلمانية ، ينهي الكاتب مقاله باتهام آخر :

الخلاصه هي أن المقال لايعدوا كونه محاوله بائسه يائسه مقززه مخزيه لإقحام الديموقراطيه التشريعيه في حناجر المسلمين  والتدليل لذلك بالشريعه!! الشريعه التي قال واضعها عز من قائل (إن الحكم إلا لله).

ثم يرد نواف القديمي في معرض السجال الحامي بين المالكي ومنتقديه ، فيبتدئ  بانتقادة لموجة التخويف والتشويه والاساءة والطعن في النوايا والاتهام بالعلمانية ، ويمتدح التعليقات المثرية التي حملت كثيرا من الأدب واللياقة

ثم يلخص فكرة المالكي باقتضاب شديد ويوردها في نقطتين رئيسيتين  :

1-      المسلم غير مخير في موضوع التزامه بالشريعة ، بل مأمور بذلك قطعا

2-      هناك فرق بين الالتزام الواجب للمسلم بالشريعة ، وبين فرض تطبيق الشريعة على “أمة” رفضتها

ثم يستعرض الردود التي نشرت على مقال المالكي :

–          التأكيد على مسألة ليست “منطقة خلاف” بل “منطقة اتفاق” وهي “المسلم ليس مخيرا بل مسير في مسألة التزامه بالشريعة”

–          وفي سياق اثبات فكرته  يستعرض مسألة حروب الردة التي تكلم المعارضين لفكرة المالكي كثيرا عنها ننقلها كما هي :
(وتحدث بعضهم عن شرعيّة الإلزام استشهاداً بما فعله الخليفة أبو بكرٍ الصديق في قتاله للمرتدين.. وقد أُجيب عن ذلك بأن المُرتدين كانوا قد انفصلوا عن جسم الدولة المُسلمة، وظهر عند كثيرٍ من الأقوام مُدعي النبوة (كما عند أقوامِ مُسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وسجاح التميميّة، وطليحة الأسدي).. إضافة إلى أنه بإجماع المسلمين أن (من منع تقديم الزكاة إلى الحاكم وقرر صرفها بنفسه) أنه لا يكفر.. وبذلك فليس كلُ من قاتلهم أبو بكر كانوا كفاراً.. وهذا يُعطي اعتباراً إلى أن الانفصال السياسي عن جسم الدولة المُسلمة كان من ضمن مُبررات القتال.. إضافة إلى ما أشار إليه البعض من خصوصية الجزيرة العربية.)

–          ثم يحدد منطقة الخلاف في سؤال : هل المسلم مأمور بفرض تطبيق الشريعة على أمة رفضتها ؟

–          ثم يستشهد ببعض النصوص التي يستشهد بها من “لايرى” فرض تطبيق الشريعة على أمة رفضتها

–          ثم يستحضر بعض الأوصاف التي أطلقها البعض في ردهم على مقال المالكي ، ويحاول استعراض وحشد الأطياف المؤيدة لما ذهب إليه المالكي في العالم الإسلامي . ثم يقول بعد هذا الاستعراض

لابد أن يُدرك الإخوة الذين وصفوا هذا القول بالعلمانية، والكفر، والوثنية، والنفاق، أنهم بذلك يتهمون غالبية الحركات الإسلامية المعاصرة، وكثيرٍ من العلماء المعاصرين _ وربما غالبهم _ بهذه الأوصاف البشعة.. وهو أمرٌ أقل ما يوصف به أنه غلوٌ في الدين، وقلةٌ في الفقه والورع، لا يليق بصغارِ طلبة العلم، فضلاً عن العلماء.

ثم يكتب وائل الحارثي مقالا أصوليا قدم فيه “سيادة الأمة” على “تطبيق الشريعة” ،  واعتبر تقديم السيادة ضمانة لـ “نجاح” تطبيق الشريعة ، ثم يقرر بأن انقاذ الأمة من مزاجية الحكام والمستبدين أولوية تحفظ الشريعة والشعوب من مظالم حكم الفرد ، حتى يخلى بين الناس والشرع . ويحافظ “مجموع الأمة” على الشريعة .

أما سلطان العميري فتحت عنوان “ظاهرة المقابلة بين تطبيق الشريعة وسيادة الأمة ” يقول أن هذه الاشكالية ـ أي المقابلة ـ لا تحل مشكلة الاستبداد وأن السيادة هي “مصدرية” لتطبيق الشريعة ، بينما الشريعة هي “مرجعية” لتطبيق السيادة . وبما أن هذه طرح حل المقابلة لا يحل المشكلة ـ التي هي الاستبداد ـ فهو ـ باعتبار العميري ـ حل لمشكلة أخرى .

(3)

من خلال العرض الموجز للمقالات التي استعرضتها ، يتضح افتقاد الحبل الواصل بين الفريقين في الحوار ، بين من يدعو بفكرة “سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة ” ، ومن يحذر من هذه الفكرة باعتبارها القاطرة التي ستجر المجتمع نحو سيادة الأفكار العلمانية . ومن خلال الردود بدأ كل طرف في الايغال في شرح فكرته “أو اتهامه” بشكل بدا وكأنه يخاطب نفسه ولا يوجد طرف آخر في الجدال . مما حرم الفكرة من ايجاد الزخم حولها وتكوين تراكم فكري معرفي يرصد باتجاه بلورة آلية لـ “تطبيق الشريعة” . التي كانت الفكرة/ الهدف ، وأصبحت الفكرة / الحجر التي يتهم كل خصم بها الاخر . فريق يساند المستبد ، وأخر يعلمن المجتمع .

نشر المقال أيضا في صحيفة أنحاء

http://www.an7a.com/an7a-authors/7270-2011-11-24-15-45-17.html

محاولة خامسة للاستشعار – 2


(1)
الفن خدم الانسانية أكثر من العقل ،حفظ لنا إرث هائل للانسانية نراها أمامنا ،، الفن يوسع الذاكرة في حين أن العقل يلغيها

(2)
بسمارك،، مؤسس الأمة الألمانية الحديثة،، صنع أمبراطوريته أقالته في النهاية،، ولم يمجده الألمان إلا بعد الاستقالة.. كم هي عجيبة تقلبات التاريخ

(3)
الحياة هي معركة من أجل تحسين ش

(4)
الوعي بالتفكير هي أولى مراحل الوعي ، تليها القراءة وأعلاها وعيا هو الوعي بالكتابة

(5)
بالرغم من أن البحث العلمي هو الأساس في حل مشاكلنا الاجتماعية والسياسية ، إلا أنه على المستوى العقلي ينفيه ، حيث أنه يأسرك تحت عنوانه ويجبرك على تتبع خطوات صارمة ، ويمنعك من البحث عن الحل خارج محيط العنوان

التعبير الحركي


الحركيات تنمو في المساحات الفارغة ، إنها حركة ضد وليست حركة مؤسسة ، بمعنى أنها تملأ الفراغ ولا تصنعه ،، وفي المجال الاجتماعي فإنها تنشأ في محيط ضمور العلاقات العشائرية والعائلية وعدم إتاحة الفرضة للجميع للمشاركة في النشاط العام ، فتنسج على نمطها العلاقات الأبوية “الأب – الابن ” والمشيخية “الشيخ ـ التلميذ” وهكذا ، أي حركة إضعاف وتقسيم ، تمهد لسيطرة فريق على الجميع ،، ينشأ في مقابله حركة ضد ،، وتصبح معركة الوجود محاولة كل حركة احتكار لقوة المجتمع والسيطرة عليه .

في هذا المجال ، إذا لم يتح للجميع الحرية الكاملة في تنفيذ ما يراه صالحا لنفسه ولمجتمعه ـ وفق الحدود المحافظة لحرية وحركة المجتمع ـ تتحول هذه الحركيات إلى الأزقة الخلفية والدوائر المتداخلة للتعبير عن أفعالها وقناعاتها . وبفضل القمع تزداد هذه الدوائر تخفيا وتداخلا ، وتزداد هروبا للأزقة الأكثر ضيقا …

حرية التعبير والانعتاق مكتسبة فطريا لكل بشر ، وستخرج في أي وضعية كانت ، قمعها يشوه خروجها ولا يكبتهاالحركيات تنمو في المساحات الفارغة ، إنها حركة ضد وليست حركة مؤسسة ، بمعنى أنها تملأ الفراغ ولا تصنعه ،، وفي المجال الاجتماعي فإنها تنشأ في محيط ضمور العلاقات العشائرية والعائلية وعدم إتاحة الفرضة للجميع للمشاركة في النشاط العام ، فتنسج على نمطها العلاقات الأبوية “الأب – الابن ” والمشيخية “الشيخ ـ التلميذ” وهكذا ، أي حركة إضعاف وتقسيم ، تمهد لسيطرة فريق على الجميع ،، ينشأ في مقابله حركة ضد ،، وتصبح معركة الوجود محاولة كل حركة احتكار لقوة المجتمع والسيطرة عليه .

في هذا المجال ، إذا لم يتح للجميع الحرية الكاملة في تنفيذ ما يراه صالحا لنفسه ولمجتمعه ـ وفق الحدود المحافظة لحرية وحركة المجتمع ـ تتحول هذه الحركيات إلى الأزقة الخلفية والدوائر المتداخلة للتعبير عن أفعالها وقناعاتها . وبفضل القمع تزداد هذه الدوائر تخفيا وتداخلا ، وتزداد هروبا للأزقة الأكثر ضيقا …

حرية التعبير والانعتاق مكتسبة فطريا لكل بشر ، وستخرج في أي وضعية كانت ، قمعها يشوه خروجها ولا يكبتها

حلاوة التاريخ وطلاوته


سأكون اليوم أصاليا إلى حد ما ، عن طريق الذهاب بقولي ، أنه لا يوجد أمة من الأمم لها كثافة وحضور في التاريخ مثل الأمة الإسلامية ، حتى أن كلمة تاريخ هي كلمة عربية أصيلة ، وما ماثلها في الآداب الأخرى هي كلمة أسطوريا ، أي بمعنى أنها أساطير لا تستند إلى وقائع مادية ثابتة ، وبالتالي فإنه يمكن الاستفادة منها ورسملتها بطريقة أسهل ، بل وحتى تكثيفها وتحويرها كيفما اتفق ، وبالطريقة التي يريدها العقل الماضي . أي أن يجعل الماضي وكأنه يسير بطريقة طبيعية ، وأن الحاضر ما هو إلا نتيجة منطقية للماضي ، بينما هو في الأصل وفي الحقيقة أن الحاضرهو أصل الماضي ، ولو كان الحاضر ظاهرا بشكل آخر ، ، لتم تفسير الماضي بشكل مغاير لما هو عليه الآن . وهنا تكمن كثافة الثاريخ الإسلامي ، وبطء إقلاع العالم العربي ، وعدم القابلية العربية لقبول الدراسات النقدية العصرية على المخطوطات النصية التراثية . وهنا تكمن محورية الماضي لدينا وسلطته شبه الكاملة على الحاضر ، بحيث أننا نحاول أن نمحور نقاشاتنا وكأننا إنما نعيش بشكل طبيعي في القرن الخامس والثامن والعاشر مثلما نعيش الآن ، وبأننا ـ ببلاهة ـ بريئين ولا نريد الانفكاك من قيود الماضي، وبهذا نصبح نعيش فكريا وثقافيا في الماضي ، وما سواه فهو يعيش في المستقبل البعيد ، وربما حتى غير المتحقق ، بينما أجسادنا لا تزال قابعة في الحاضر ولن تبارحه . إننا في أحيان نفتخر بوجودنا الكثيف المتجذر والقديم المترسخ في التاريخ ، وأحيانا نتمنى أنا لو كنا أمة طارئة على التاريخ غائبة في هامشه ، حتى ندخل فيه من دون تحيزات وبغير تشوهات . وحينما تنظر إلى أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا براودك هذا الشعور الأخير

محاولة خامسة للاستشعار


(1)
قال درويش : على هذه الأرض ما يستحق الحياة ، ولما لم يجد ما لا يستحق فيها شيئا ، تركها ورحل
هل منطق “الحكماء العرب” أو “الحكام العرب” هذا العرب ، أنه لم يعد هناك من يستحق الحياة !!!

لا تهم الإجابة ، الأكيد أن كليهما متساويين في القيمة

(2)

كنت فترة حالما مثاليا ،، أو بلغة أخرى
كنت متعاليا متكبرا

(3)
قال بيجوفيتش :الفراغ الكثير والعمل الكثير هما أهم محفزان للكتابة ، وربما قلت أنا : الفقر المدقع والغنى الفاحش هما أهم محفزان للقراءة

(4)

ونسيت أني قد مشيت على التراب
وأنني قد سرت يوما في السراب

(5)

ننخرط في تجربة حياتية ، نعتبرها وجودية ونغوص فيها كالمعنى المفقود الذي وجدناه ، نم نذوب فيها قدرا من السنين ، نحتمل من الهم تجاهها ما لو حملته الجبال لانهدت تحتها . ثم في لحظة شاردة نكتشف أن العالم يشاركنا نفس تلك التجارب “الوجودية” .. ثم ننثال تحت ضحكنا على نفوسنا ، وعلى ضحالة تفكيرنا ، وسطحية أفكارنا …

دائما ما نفعل ذلك مهما تعقدت الأفكار وتناسخت ….
أليست الحياة غربية إذا ؟

ربما الغريب ليست الحياة ، وإنما الغريب أنه رغم هذا فإننا نستمر في محاولات الاستشعار والتمرد

في “علومنا” المنفصلة عنا


قديما قال الشاعر العربي
العلم يبني بيوتا لا عماد لها
والجهل يهدم بيت العز والشرف
،،،
كنا في صغرنا نسمع من آبائنا ومن أستاتذتنا في مدارسنا مقولات إنشائية تتحدث عن تبجيل العلم ، وأنه عزة للفرد ورفعة لقدره من على شاكلة ، من جد وجد ومن زرع حصد ، من سار على الدرب وصل ، وهكذا ..

هذه المقولات جميلة وتتحدث عن تحفيز تربوي للصغار ليساعدوا أنفسهم على بناء أولى لبنات التفكير العلمي الصحيح ، حتى يعينوا مجمتعهم حينما يدير جيلهم دفة الأمور ـ على افتراض أن هؤلاء الصغار يعيشون في مجتمع يقبل بتداولية الأجيال لا احتكارها في جيل واحد ـ

هذه الأمور سارت معنا على أفضل حال ، حتى دخلنا الجامعة ودرسنا معلمين على درجة عالية من التعليم والتحصيل ، ممن يفترض بهم أنهم أفنوا أعمارهم إفناء في تحصيل العلوم وإنشائها … هؤلاء الأساتذة الفضلاء نفاجأ بأنهم لا زالوا يتحدثون عن تبجيل العلم وفضله والإسباغ في الثناء على العلم ، وأنه “القنطرة” التي يجب أن نعبرها حتى “ننهض” بمجتمعاتنا ونصل بها إلى بر الأمان . ولا أعلم مدى ضرورة أن يقضي الأستاذ الجامعي عشرين أو ثلاثين سنة باحثا منهمكا ، ويذهب ليدرس وراء البحار البعيدة “مغتربا” ، حتى يرجع لنا يمقولات تبجيلية للعلم وفضله ، ينام الخلق ملء جفونه مللا من كثرة تردادها ..

وهذا الكلام الذي نسمعه من منارات العلم والمعرفة ، نسمعه كذلك من مختلف شرائح المجتمع ، كلهم بلا استثناء ، من الأمي حتى المتعلم متعدد اللغات . يسمعه المجتمع منذ أجيال . إن هذا الكلام إنما يخبئ خلفه نسق كامل من عقلانية المجتمع الذي ينظر إلى العلم نظرة تبجيلية ، يجعل من العلم أساسا لمعارفنا الصحيحة ، وقاعدة للاجماع الاجتماعي . هذه النظرة تجسد العلم وتستمر في تجريده ختى يصبح العلم مقدسا وحقيقة واحدة لاهوتية مفصولة عن الواقع الذي تكونت خلاله والذي فرض عليه احتياجاته

هذه التجربة النظرية العظيمة هي مكون رئيسي في العقلانية العلمية لدينا التي ننهك عقولنا داخلها ـ مدح العلم وأهله ـ ،  بدلا من أن ننخرط في التجربة ، في مراجعة الواقع ومعاينته وتثوير نظمه المعرفية ، حتى تتكون لدينا عقلانية وانظمة معرفية مستمدة من حاجات مجتمعاتنا ، وحتى تدخل معارفنا أيضا في الصيرورة التاريخية للمجتمع وتعجن بعجينه ، وتختلط فعليا بمشاكله ، حتى تستمد منه منهجيته .

نترك كل ذلك ونستقوي فقط بأهمية العلم الذي تحول إلى “إيديولوجية تبشرية” ، تدمر الواقع والمناهج العلمية والتراكم المعرفي ، وتجعل المفهوم يتحكم بالواقع لإعادة صياغته وفق النمط الفكري ذاته . هذا الاستلاب يقدر ما أفقدنا الحس المعرفي وأعدم ذواتنا أمامنا حتى أصبحنا بلا شخصية ننتظر من غيرنا الحلول ، بقدر ما أصبحنا مجرد مستهلكين للعلم الحقيقي بدلا عن ممارسته ، بقدر ما جعلنا منذ خمسين سنة نرسل البعثات إلى كل ،مكان في العالم بلا أي أثر اجتماعي على الواقع المحلي .. وكأننا نقول : لا يوجد لدينا علم ، لا يوجد لدينا علماء أكفاء ،لغتنا ليست وعاء للعلم،  نحن أصلا لم نخلق للعلم .. العلم هناك في المدى الأبعد ، خلف البحار العظيمة جاهز ومتطور ، وليس علينا إلا أن نأتي به ونفسح له المجال …

وهكذا حرمنا أنفسنا من قدرة على مناقشته والإضافة إليه ، وبقيت جامعاتنا منعزلة عن المجتمع ، متخلفة على الصعيد العلمي ، وصاحب الحلول كلما جاء من مدى أبعد كلما كان حله أنجح …

سمر قضية المرأة المغيبة


لن أكتب عن قضية سمر بالذات ، فهي مظلومة ظلما بينا ولها مثيلات كثيرات يمنعهن الارهاب الاجتماعي من الظهور . ولن أحلل القضية أو أتكلم عن المشكلة فهي واضحة وقد تكلم عنها الاستاذ أشرف فقيه بكلام لا أزيد عليه. . ولن أتكلم عن الظلم الاجتماعي للمرأة وحرمانها من حقوقها ، لأن هنا كلام رائع عن هذا . ولن أتكلم عنا بكلام وعظي وعن ماذا يجب أن نعمل، وواجبنا واضح ومعروف ، بل هو حق للمظلوم علينا .

لكن الجدل الهائل الدائر حول القضية .وتزامنه مع حدث آخر هو قرار أمير منطقة مكة المكرمة بـ “سعودة مدرسي الحلقات” .. والمتضرر الأول من هذا القرار هو الناقمين على المتعاطفين مع قضية سمر .. هنا أضع علامة استفهام (؟)

لماذا كل هذا الاحتشاد خلف قضية سمر ، رغم أنها قضية فرد ولا تمس المجموع ؟ مثلما لامس قرار سعودة معلمي الحلقات ؟

لماذا كل هذه المدافعة المستميتة عن القاضي ، بينما حلقات التحفيظ “عقر الدار” ، ستغلق 70% منها ؟

بنظرة بسيطة على الهاش تاق في تويتر حول قضية سمر ، يتضح أن كل قضية للمرأة في السعودة بشكل عام ، يحتشد خلفها الإسلاميين والليبراليين وكل من هو مؤدلج ، لا لأجل نصرة المظلوم وإقامة حلف فضول ، وإنما لأجل نصرة أيديولوجيته ، وتسجيل موقف ضد الآخر ، والضحية “في ستين داهية” . وهكذا تحوسل المرأة هنا وتفرغ من الداخل ، وتصبح مثل علب البيبسي الفارغة يرمى بها الخصم بكل الاتهامات ، المنطقية وغير المنطقية ، التي لها علاقة والتي لا علاقة بها للموضوع وستلاحظ هذا في كل قضية للمرأة ،، في الجدلية حولة لا توجد حتى كلمة امرأة ، الموجود هو اتهام وتخوين للآخر . وهذا التصور ينسحب من قضية ، إلى كل قضية للمرأة … حتى أصبحت قضية المرأة ليس لها أي علاقة بالمرأة ..

ثرثرة ذات صباح وطني


استنشاق كميات ضخمة من هواء الصباح العليل،  والتعرض لنسيم البحر الجميل الذي يقولون أنه محمل باليود، مع الكثير من أكواب النعناع الطايفي .. يجعلك قادرا على التفكير في أي شي ، وإنهاء أي شي ولو كان كالجبل الأطم ، وبجعلك قادرا على التفاؤل.رغم كل أعاصير التشاؤم تحيط بك من كل مكان

ليلة أمس قضيت جلها قارئا لبعض مقالات البليهي ومتابعا للقاءيه في إضاءات ، ولقد أنزل الله السكينة والتشاؤم على قلبي حتى أصبحت عاجزا على كل شيء ،، حتى لم أعد أطيق ـ والله ـ حتى النوم .

صباح هذا اليوم وبفضل أكواب النعناع أصبحت وأنا قادر على التفاؤل رغم كل تشاؤميات البليهد، الذي جعل العرب والمسلمين هم أساس كل تخلف وبلية في العالم . هم سبب تخلف قارة أفريقيا ، وهم سبب عدم تأهل السعودية لكأس العالم ، وهم سبب التصنيف المتأخر للجامعات السعودية ، وهم سبب فيضانات باكستان .. هم سبب لكل الشرور في هذا العالم ، حتى لو عثرت خنزيرة في مزرعة من مزارع أوكلاهوما لكان سببها تخلف المسلمين ..

صباح هذا اليوم المنعش يجعلك قادرا على امتصاص الشحنات الكهربائية التي أحدثتها الهزة العنيفة لموجة المعاداة للتغريب التي صحت هذه الأسبابيع ـ والفتنة نائمة لعن الله من أيقضها ـ والتي كشفت خفافيش ظلام الليل التي ظلت معششة في هذا البلد تحيك له المؤامرات صباح مساء ، حتى قيض الله لها من سلط النور عليها وخلص الأمة من شرورها

إن هذا البلد مستهدف من التغريبيين ، الذين لم يتركونا وشأننا نسيح في هذه الحياة ونتقدم كما يتقدم الناس ، ونبني ملاعب كما يبني الناس .. ما تركونا نلاحق الفساد والفاسدين ، ما تركوا جامعة الملك سعود تعيد اختراع السيارة وحالها ، هؤلاء التغريبيين ملاك الأراضي عاثوا في الأرض الفساد .. تركونا ونحن ندعو كل صباح ،، “اللهم اجعل لنا مترو كما جعلت لهم مترو” ..

إن أكواب النعناع تجعلك صامدا ، و ستجعلك قادراً على مزيد من الصمود لما يمكن أن يحدث في اليوم الوطني من “وطنيات” نتمنى أن لا تحصل فيها أي تلفيات .. ويا بلادي كم علا شانك …..

وعلى صباح رائق آخر تصبحون 🙂


التشخيص


هناك داء في التفكير والنقد لدينا ، وهو تجميع أو اختصار الكل في جزء و الجميع في شخص واحد ، وحشر مميزات و سيئات تلك  المجموعة بأكملها في ذلك الشخص ـ المستهدف ـ ، ومن ثم يكون حكمنا لتلك المجموعة منطلقاً من الحكم على ذلك الشخص، وفي العادة … تغلب إحدى تلك المترادفتين (إما المميزات أو السيئات )، على ذلك (الشخص) وتزداد وتتسارع حتى تصل إلى طرفي نقيض ؛ إما خيراً محضاً أو شراً محضاً. وتتسع تلك الحالة حتى تتحول إلى (ترميز) للمجتمع بأكمله ، ويصبح أفراد المجتمع إما منضوين تحت لواء ـ الخير ـ وإلا فإن الشر مصيره المحتوم.

وهذه من المشكلات العويصة ، ومن النتائج المحتومة لهذا التفكير الحدي ، هو أن نعتقد أنه بزوال تلك الشخصية ـ المنمطة ـ فإن الشر بأكمله يكون قد زال أو كاد إذا كانت تلك الشخصية ـ شريرةـ ، وبأن فرجة من فرج الشيطان قد سدت.

كذلك الحال بالنسبة للشخصية حاملة الخير ، فإن وجودها يعني أن المجتمع لازال في خير وفي عافية ـ وربي يكثر منهم ـ ، وزوالها يشير إلى ثلمه من ثلم الإسلام لابد وأن تسد سريعاً.

وحينما نهجم على الشر فإننا نعتقد أننا إذا هجمنا على تلك الشخصية ـ المنمطة ـ فإننا قد ضربنا الشر في معقله ، وكذلك الشخصية الموصومة بالخيرة.

ومن الطريف أنك حينما ترى تلك “الشخصية الشريرة” وهي ظاهرة في التلفاز مثلاً ترى من حولك من هؤلاء الـ (منمطين) وهم يلهجون وكأنهم في دعاء …. شوف الشرير …… شوف الشرير، وكذلك الحال مع “الشخصية الخيرة”وما يتبعها من دعوات على شاكلة ، وفقه الله .. وفقه الله .

وهكذا يتحول نقاش الأفكار وتجرديها وتفكيكها ومعرفة صالحها من طالحها من حالة علمية عقلية بنائية ، إلى عراك مشخصن تذوب فيه الفكرة في الشخص وترتبط به وبمصيره . وتموت الحالة العلمية العقلية ومعها الأفكار، ويظهر التشكيك في النوايا .وفلان قصد هذا وفلان قصد هذا . ويظهر هنا تصنيم الأشخاص لا لعظمة أفكارهم وإنما لشخوصهم وحسب .

وبظهور هذه الحالة “المشخصنة للأفكار”، تموت كثير من الأفكار المحفزة في المجتمع ، كالحوار والشورى والحريات . وتقدم كمذابح في سبيل نصرة شخص على آخر . وأفضل مثال لهذا المذبح ما حصل بعد حديث الشيخ الشثري عن جامعة الملك عبد الله ، وما كان يحصل قبل حرب الخليج – ولا يزال – مع الغذامي والقصيبي .